جزيرة بانتليريا الإيطالية والطبيعة الخلابة
تقع جزيرة بانتليريا الإيطالية في البحر الأبيض المتوسط، تحديدا بين جزيرة صقلية وسواحل تونس، مما يجعلها نقطة محورية في هذا الجزء من البحر ودخل المسلمون الجزيرة في عام 700 ميلادي،
واستمرت هيمنتهم عليها حتى عام 1091 ميلادي وخلال هذه الفترة، أنشأوا حضارة غنية تترك بصماتها واضحة حتى اليوم، حيث يمكن للزوار أن يشاهدوا بقايا معمارية وتاريخية تعكس تأثيرات الحقبة الإسلامية.
جزيرة بانتليريا الإيطالية
ظلت جزيرة بانتليريا الإيطالية جزء من الجغرافيا الإسلامية لأكثر من أربعة قرون، مما يعكس عمق وتأثير الحضارة الإسلامية في المنطقة ورغم أنها أصبحت جزء من التاريخ الإيطالي لاحقا، فإنها لا تزال تحمل في طياتها إرث حضاري وثقافي يعكس تاريخ طويل ومعقد من التأثيرات المختلفة التي مرت عليها عبر الزمن.
وتعد جزيرة بانتيليريا من المناطق التي تأثرت بشكل كبير بالنشاطات البركانية، وهو ما ساهم في تشكيل ملامحها الجغرافية الفريدة عبر التاريخ ولقد لعبت الجزيرة دور حيوي في حماية مسارات التجارة البحرية، حيث كانت تعتبر حصن استراتيجي يؤمن الطرق التجارية البحرية المتجهة نحو جزيرة صقلية، مما جعلها نقطة تبادل حيوية بين الثقافات المختلفة.
ورغم موقعها الجغرافي في قلب البحر الأبيض المتوسط ضمن الأراضي الإيطالية، فإن بانتيليريا تحتفظ بملامح ثقافية وعربية بارزة ويتحدث بعض من سكانها اللغة العربية نتيجة للتأثيرات الإسلامية والتواصل الثقافي مع تونس القريبة كما بقيت العديد من الأماكن على الجزيرة محتفظة بأسمائها العربية، مما يعكس التأثير التاريخي العميق للحضارة الإسلامية على هذه الأرض.
الموقع الجغرافي لجزيرة بانتليريا الإيطالية
جزيرة بانتيليريا، المعروفة أيضا باسم إيزولا دي بانتيليريا، هي جزيرة بركانية تقع في الجنوب من إيطاليا، تحديدا في منتصف الطريق بين إيطاليا وتونس وتقع الجزيرة على بعد حوالي 100 كيلومتر من مدينة صقلية الإيطالية، وعلى مسافة تزيد عن 70 كيلومتر من مدينة كليبيا التونسية كما تمتد الجزيرة على مساحة تقارب 83 كيلومتر مربع أي 32 ميل مربع.
تكونت بانتيليريا منذ حوالي 114 ألف سنة نتيجة نشاط بركاني، حيث يرتفع بركانها إلى ارتفاع قدره 2743 قدما وهو ما يعادل 836 متر عند قمة مونتا غراندي وكان آخر نشاط لهذا البركان منذ حوالي 9 آلاف سنة.
وتعد بانتيليريا، التي كانت تعرف سابقا باسم قوصرة، أكبر جزيرة في البحر التابع لصقلية ورابع أكبر جزيرة بإيطاليا وضمن الإطار الإداري الإيطالي تمثل الجزيرة بلدية تتبع مقاطعة تراباني، ويبلغ عدد سكانها حوالي 10 آلاف نسمة.
الطبيعة الجغرافية والمعالم الطبيعية لجزيرة بانتليريا الإيطالية
تشتهر جزيرة بانتيليريا بتضاريسها الوعرة والمنحدرات الحادة التي تحيط بسواحلها، إضافة إلى العديد من المداخل والكهوف المنتشرة على طول الشريط الساحلي كما تتألف تضاريسها من صخور حمضية غنية بعناصر الصوديوم، وتنتشر الحمم البركانية السوداء في مناطق عديدة منها.
وهذه المناظر الطبيعية الفريدة تمتد عبر مساحات من مزارع الكروم التي تشتهر بها الجزيرة، لكنها مع ذلك تعاني من نقص في المياه العذبة، مما يجعل توفير المياه تحدي مستمر لسكانها.
وفي الكتابات التاريخية، أشار الجغرافيون العرب إلى الموقع الاستراتيجي لجزيرة بانتيليريا، حيث ورد أنهم ذكروا أن الجزيرة تقع بين صقلية واليابسة التونسية، وأضافوا أن من أبرز منتجاتها التين والقطن كما أنها تعد منطقة لقطع الخشب الجيد.
وتتمتع الجزيرة بتربة خصبة، وتحتضن آثار قديمة وأشجار زيتون منتشرة في أرجائها كما كانت موطن للماعز البري المتوحش، وتشتهر بوجود مرسى آمن من الرياح على ساحلها الجنوبي، مما جعلها محطة هامة للتجارة البحرية عبر العصور.
شاهد: معلومات عن شلالات نياجرا
أصول تسميات جزيرة بانتيليريا عبر العصور
تاريخيا، كانت الجزيرة تعرف باسم إيرانيم في اللغة اليونانية القديمة، ثم تغير اسمها إلى كوسورا أو كوسيروس ومن ثم إلى كوسيرا باللغة اللاتينية ويأتي هذا الاسم من اليونانية ويعني السلة الصغيرة أو السلة أو الزنبيل، ويعزى اختيار هذا الاسم إلى تشابه شكل الجزيرة مع شكل السلة، مما يعكس التأثيرات الثقافية التي أثرت على تسميتها.
وفي اللغة العربية، أصبحت الجزيرة تعرف باسم قوصرة، وهو الاسم الذي وثقه العالم اللغوي ابن القطاع الصقلي والذي أشار إليه بالألف أي قوصرا كما وثق المؤرخ أبو عبيد البكري هذا الاسم في عمله تحت اسم المسالك والممالك، حيث أشار إليها باسم قوسرة.
وتشير المعاجم العربية مثل معجم البلدان وتحفة العروس والاقتضاب إلى أن أصل التسمية العربية قد يكون مرتبط بوعاء التمر، وهو وعاء مصنوع من قصب أو أعواد متماسكة يطرح فيه التمر.
من ناحية أخرى، قد يكون الاسم مشتق من اللغة الفينيقية القديمة، حيث كانت تستخدم كلمة قيصرة في شمال أفريقيا والجزر في البحر المتوسط وفيما يخص اسم بانتليريا الذي أطلقه الإسبان، فإن معناه يشير إلى الخصفة أو القرطة، وهو تعبير يعكس أصلها البركاني.
أما الاسم العربي الأساسي بنت الرياح أو الريح، فيعكس التأثير المحيط للرياح على سواحلها، خصوصا في جهاتها الشمالية الشرقية ولا زال سكان تونس يطلقون على الرياح في هذه المنطقة اسم الريح القوصري.
فاستخدم الإيطاليون اسم بانتيليريا أو إيزولا دي بانتيليريا المشتق من اللقب العربي، وعرفوها باسم اللؤلؤة السوداء للبحر المتوسط نظرا لطبيعتها البركانية المميزة.
دخول الإسلام لجزيرة بانتليريا الإيطالية
تعد جزيرة بانتليريا من النقاط البحرية الاستراتيجية المهمة التي سيطرت عليها الأساطيل الإسلامية منذ نهاية القرن الأول الهجري ووفقا لياقوت الحموي، فقد تم فتح الجزيرة في عهد معاوية بن أبي سفيان عام 31/652 م، إلا أن الحكم الإسلامي عليها لم يستمر طويلا.
تعتبر قوصرة واحدة من أولى الجزر التي فتحتها الدولة الإسلامية في عام 80/700 م، حيث تمت عمليات الفتح من خلال غارات سريعة يعقبها انسحاب، مما حال دون استقرار الفاتحين في الجزيرة لفترات طويلة.
أصبحت الجزيرة لاحقا بمثابة قنطرة استراتيجية بين شواطئ أفريقية وهي تونس الحالية وجزيرة صقلية، وهو ما جعل فتحها أمر ضروري لتأمين الفتوحات الإسلامية وحماية المغرب العربي وكان موقع الجزيرة حيوي في الدفاع ضد البيزنطيين ومراقبة حركة أساطيلهم.
ومن المرجح أن أول من غزا قوصرة كان عبد الله بن قطن الفهري، وذلك اثناء ولاية موسى بن نصير على إفريقية في عام 88/707 م وقد انطلق بن قطن من دار الصناعة البحرية التي أسسها حسان بن النعمان الغساني بتونس واستفاد القائد العربي من الجزيرة كقاعدة متقدمة لأسطوله في مواجهة هجمات الروم البيزنطيين، ونجح في ربطها بولاية إفريقية.
المعالم الأثرية في جزيرة بانتليريا الإيطالية
تتميز جزيرة بانتيليريا بتراثها الثقافي العريق والمعمارية المتنوعة التي تعود إلى حضارات مختلفة وتبرز المعالم الأثرية في الجزيرة كدليل على تاريخها الغني والمتنوع:
- قرية مرسية القديمة: تعد قرية مرسية التي تطل على البحر، أقدم مستوطنة في بانتيليريا، حيث يعود أصلها إلى حوالي 1900 ق.م بناها الفينيقيون، ثم قام العرب بترميمها لاحقا لما لها من أهمية الاستراتيجية.
- قلعة كاستيلو: هذه القلعة المهيبة، المبنية من الحمم البركانية، تعود إلى العصور الوسطى وكانت تستخدم كسجن حتى عام 1975، وتقع قرب الميناء القديم كما تضم القلعة أيضا متحف يعرض مجموعة من الاكتشافات الأثرية التي تم العثور عليها في المنطقة.
- مرسى كالا جادير الصغير: يقع هذا الموقع في الجزء الشرقي من الجزيرة، وقد تم اكتشاف عدد من الأمفورات وهي الجرار الخزفية في هذا المكان، والتي تمثل جزء من حطام يعود إلى القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد.
- بحيرة المرآة: هي حوض مائي طبيعي تكون نتيجة لثوران بركاني قديم.
- قوس الفيل: صخرة كبيرة من حجر حمم البراكين تتخذ شكل يشبه الفيل.
- خليج بلاطا: يتميز هذا الخليج بتدفق المياه الساخنة من الينابيع المحيطة به، ويحيط به منحدرات شاهقة يبلغ ارتفاعها حوالي 300 متر.
كم تبعد جزيرة لامبيدوزا عن تونس.قصة جزيرة بنتلاريا.جزيرة لامبيدوزا تونسية.جزيرة بين تونس وايطاليا.الجزيرة التونسية التي باعها الباي.خريطة جزيرة لامبيدوزا.أقرب مسافة بين تونس وإيطاليا بحرا.جزيرة قلهان.