أدباء وشعراء

المتنبي أفضل شعراء العرب وسر تسميته بالمتنبي

المتنبي،  لا يحق لنا أن نعبث بسيرة هذا الشاعر كيفما نشاء، بدافع الغيرة على هذا التراث الشعري العربي العظيم، الذي يتميز بالفصاحة والتدفق بالثورة والبلاغة والحكمة والشجاعة والمروءة العربية الأصيلة، إن الكثيرين منا يعجزون عن تذوق الكثير من شعره بسبب الانحطاط اللغوي والأدبي الذي وصلنا إليه.

في الحياة، نجد أن المتميزين في العطاء الإنساني غالباً ما يعانون من العداوة وكيد الحاسدين في جميع ميادين الحياة، وفي كل الحضارات، وبين جميع شعوب الأرض، هذه الطبيعة الإنسانية لا تخلو منها أي جيل من أجيال البشرية قاطبة.

المتبني

ولد الشاعر الكبير المُتنبي في مدينة الكوفة سنة 303 هـ، هناك اختلاف حول اسم والده، حيث يقال تارةً إنه الحسين بن الحسن بن عبدالصمد الجعفي، وتارةً أخرى إنه الحسين بن مرة بن عبدالجابر الجعفي، وأحياناً يقال إنه محمد الحسين بن عبدالصمد الجعفي.

  • كان والد المُتنبي يعمل سقاءً، يسقي الناس الماء على جمل له في منطقة “كندة” في الكوفة، وكان يُلقب بـ “عيدان أو عبدان السقاء”.
  • خلال حياته وبعد وفاته، واجه المتنبي العديد من العداوات التي جعلت تاريخ حياته مضطربًا وغير مستقر، ومن بين الكثير مما قيل عنه من النقد والتجريح، جاء قول القاضي أبي علي المحسّن بن علي التنوخي، الذي كان قريب الصلة بالوزير المهلبي، وزير عضد الدولة وصديقه المقرب.
  • يذكر أن المتنبي تجاهل التنوخي عندما أراد الأخير أن يمدحه أثناء مروره ببغداد في طريقه إلى عضد الدولة في شيراز، مما أثار غضب التنوخي عليه.
  • هذا الأمر دفع التنوخي إلى تحريض الشعراء والكتّاب ضده، ومن الأشعار التي قيلت في هذا السياق:

أي فضل لشاعرٍ يطلب الفضـ

ـل من الناس بكرةً وعشيا

عاش حينا يبيع بالكوفة الما

ء، وحينا يبيع ماء المحيا.

سر تسميته بالمتنبي

عرف المُتنبي بشاعريته الفذة وفخره الكبير بنفسه ونسبه، حيث كان يحرص على إظهار هذا الفخر أينما ذهب وحل.

  • اشتهر أيضاً بغروره الذي لم يكن يخفيه، وكان هدفه من هذا الفخر أن يعرفه الجميع في كل مكان.
  • ادعى المتنبي في فترة من حياته أنه نبي، وكان يتجول في صحراء الشام، حيث اتبعه بعض سكان تلك المنطقة.
  • عندما بلغ خبر ادعائه السلطان في حمص، قام بمقاتلته واعتقاله، لم يطلق سراح المتنبي إلا بعد أن أعلن توبته عن فعلته وتراجعه عن ادعاء النبوة ولهذا السبب، أُطلق عليه لقب “المتنبي”.

شاهد:

الشعر العربي

افضل 10 شعراء العرب على مدار التاريخ

حياة المتنبي

ولد أبو الطيب المتنبي في مدينة الكوفة، حيث درس في مدرسة تابعة للشيعة، والتي كانت تعتبر من أفضل المدارس في ذلك الوقت.

  • بعد ذلك، انتقل إلى البادية العربية في سوريا، وبالتحديد إلى منطقة صحراء السماوة، حيث قضى مع والده هناك عامين لم تكن هاتان السنتان مجرد فترة عادية، بل كان لهما تأثير كبير وواضح على بلاغته وفصاحته، التي تميزت بها أشعاره فيما بعد.
  • عاد المتنبي إلى العراق، ولكنه سرعان ما غادرها مجدداً لعدم الأمان في تلك الفترة كان يُظهر تعاطفه مع القرامطة، الذين كانوا يغيرون ويعتدون على بغداد في تلك الحقبة، مما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار في البلاد.
  • بدأ المتنبي حياته العملية كشاعر، متخذاً الشعر وسيلة لكسب المال عن طريق مدح الشخصيات الهامة والثرية في بادية الشام وبغداد.
  • تميزت أشعاره في هذه الفترة بالطابع الموسيقي، واستخدامه المتكرر للمتضادات، وتركيزه على التعبيرات الموجزة.

حقائق شخصية عن المتنبي

  • يقال إن المُتنبي تزوج بامرأة شامية وأنجب منها ولداً اسمه محسد، الذي توفي معه في اليوم الذي قتل فيه المُتنبي ، هناك أيضاً قصة حب مزعومة ألبتت عليه بلاط سيف الدولة، حيث يشاع أنه كان يحب أخت سيف الدولة، خولة، التي رثاها فيما بعد واصفاً مبسمها بالجميل.
  • لم ينافس أحد من الشعراء في توليد المعاني والخيال العميق وتضمين الحكمة في شعره، تناولت روائعه الشعرية مواضيع مثل تقلب الزمان بالإنسان، المرض، الموت، زوال المُلك، الشجاعة، فلسفة الحياة، ووصف المعارك.
  • تأثر أسلوبه بالنمط الكلاسيكي والبلاغة المتألقة، وأصبحت أشعاره مقدسة لدى القراء العرب، مما يشبه تقديس الغرب لأعمال شكسبير.
  • حياة المُتنبي وأعماله تناولتها دراسات متنوعة، لكن قليل من الاهتمام أُوليَ لجانبه الإنساني.
  • عاش المتنبي في زمان كان الشعر يُمتهن فيه كما يُمتهن الفن في أيامنا هذه، خاصة وأن الشعر كان ديوان العرب.
  • أصبحت قصائده وأبيات شعره أمثالاً وحكماً وجزءاً من مفردات اللغة العربية وقاموس العلم والأدب، ما زلنا نرددها ونستشهد بها حتى دون الحاجة إلى ذكر اسمه.
  • هذه الأشعار سارت مسرى الأمثال على ألسنة الناس، ورغم تكرارها، فإن المتنبي شاعر لا يتكرر.
  • كان المتنبي صاحب كبرياء وشجاعة وطموح، ومحباً للمغامرات، في شعره كان يعتز بعروبته ويفتخر بنفسه، أفضل أشعاره تركزت في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، وجاءت بصياغة قوية محكمة.
  • كان شاعراً مبدعاً عملاقاً غزير الإنتاج، وقد ترك إرثاً أدبياً عظيماً لا يزال يتردد صداه حتى اليوم.

المتنبي وسيف الدولة الحمداني

كان سيف الدولة الحمداني أميراً وشاعراً وأديباً يعشق الأدب والشعر، ويحرص دائماً على أن يحيط نفسه بأمهر الشعراء والأدباء في تلك الفترة،

كان المُتنبي يقيم في أنطاكية إلى جانب أبي العشائر، إلا أنه كان يتطلع إلى القرب من سيف الدولة الحمداني تلبيةً لرغبته، قام أبو العشائر بتقديم المتنبي إلى سيف الدولة ليكون شاعراً تحت رعايته.

  • قبل المتنبي هذا العرض بسرعة، لكنه اشترط أن يحافظ على فخره بنفسه ونسبه، وطلب من سيف الدولة عدم معاملته كباقي الشعراء.
  • وافق سيف الدولة على هذه الشروط، وتوطدت العلاقة بينهما بسرعة، حيث أصبحا قريبين جداً، وكأنهما صديقان حميمان، أظهر سيف الدولة سخاءه وكرمه تجاه المتنبي، الذي كتب له العديد من القصائد الرائعة.
  • من أبرز هذه القصائد كانت تلك التي نظمها المتنبي عندما انتصر سيف الدولة على الروم في معركة ثغر الحدث عام 343 هـ.
  • مع مرور الوقت، بدأت العلاقة بينهما تتوتر بسبب حسد الحاسدين الذين حاولوا الإفساد بينهما،
  • عبر المُتنبي عن عتبه لسيف الدولة على تصديقه لتلك المكائد من خلال بعض الأبيات الشعرية، ورد عليه سيف الدولة بأبيات تعبر عن عدم رضاه.
  • استمرت المعاتبات بينهما في شكل أبيات شعرية حتى تفاقم الأمر ووصل إلى أن سيف الدولة قذف بمحبرة في وجه المتنبي في أحد المجالس.

مقتل أبي الطيب المُتنبي

تعددت الروايات حول هذه الحادثة، ولكن المؤرخين اتفقوا على قصة معينة، كان المتنبي قد كتب قصيدة هجاء ضد ضبة بن يزيد العتبي، ابن أخت فاتك الأسدي، الذي كان معروفاً بغدره وسوء لسانه، ما جعله مكروهاً من الناس بسبب كثرة أذاه لهم.

  • لجأ الناس إلى المُتنبي ليكتب لهم قصيدة هجاء ترد على إساءاته، فهجاه المتنبي بأقبح قصائد الهجاء.
  • عندما قرر المتنبي مغادرة بغداد، بلغه أحد أصدقائه أن فاتك الأسدي يخطط لإيذائه، ونصحه باصطحاب من يحميه في الطريق.
  • رغم ذلك، رفض المتنبي النصيحة وخرج ومعه غلمانه فقط، في طريقهم إلى بغداد، اعترضهم فاتك الأسدي مع مجموعة من أصحابه وهاجموهم.

حاول المُتنبي الهروب، إلا أن أحد غلمانه قال له: “أولست من قلت:

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والسيف والرمح والقرطاس والقلم”

  • تأثرت المُتنبي بكلمات غلامه، مما دفعه للدخول في القتال مع فاتك الأسدي وأصحابه، انتهت المعركة بمقتل المتنبي وغلمانه في منطقة دير العاقول وهم في طريقهم إلى بغداد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى