جغرافيا

خريطة الادريسي واهم انجازاته

قبل ظهور تطبيقات الملاحة الرقمية التي جعلت الخرائط العالمية متاحة للجميع بسهولة، كان الناس يعتمدون على أبحاث العلماء ورسامي الخرائط لتحديد الطرق واستكشاف مناطق العالم.

من بين هؤلاء الرسامين، يبرز الإدريسي كواحد من أشهر الشخصيات التي قدمت خرائط جغرافية مبكرة خلال العصور الوسطى، والتي استفاد منها الرحالة والمستكشفون في ذلك الوقت، ومن أبرز أعماله خريطة الإدريسي للأرض، التي سنقوم بتوضيح تفاصيلها في هذا المقال.

خريطة الادريسي

استغرق الإدريسي وقتًا طويلًا لإعداد خريطته الشاملة للعالم، ولكن موقع صقلية كمركز ثقافي وتجاري عالمي ساعده بشكل كبير في إنجاز هذا العمل.

  • في خريطته، قام الإدريسي برسم مناطق واسعة تشمل الجزيرة العربية، وآسيا، والهند، والبحر الأبيض المتوسط، وأوروبا، وشمال إفريقيا، وقدمها في شكل دائري يعكس التنوع الجغرافي والثقافي للعالم في عصره.
  • قام الإدريسي بصنع كرة أرضية كبيرة من الفضة، حيث استخدمها لتوضيح مختلف جوانب الجغرافيا الأرضية.
  • على هذه الكرة، أشار إلى قطر الكرة الأرضية عند خط الاستواء، وحدد بوضوح نصفي الكرة الأرضية ومناطقهما المناخية.
  • كما قام بتوضيح مواقع البحار والخلجان الواقعة في كل نصف من الكرة، مما قدم رؤى متقدمة ودقيقة للتفاصيل الجغرافية في عصره.

نشأه العالم الادريسي

  • العالم العربي الإدريسي، المعروف بلقب “أبي الخرائط”، هو كامل أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحساني الإدريسي، يلقب بالشريف الإدريسي بسبب نسبه إلى الأدارسة، الذين ينحدرون من حفيد الرسول محمد، الحسن بن علي، وُلد الإدريسي في عام 1100م في مدينة سبتة بالمغرب.
  • في فترة مبكرة من حياته، قام بجولات واسعة بين شمال أفريقيا وإسبانيا، حيث درس في مدينة قرطبة لعدة سنوات، وعاش أيضًا في مراكش وولاية قسنطينة في الجزائر.،

رحلات تعليم الادريسي

تلقى الإدريسي تعليمه في المغرب الأقصى، حيث درس في كل من سبته وفاس، من خلال إقامته في سبته، استطاع الإدريسي أن يجعلها نقطة انطلاق لرحلات عديدة في بلاد المغرب، وقدم وصفاً دقيقاً لهذه المناطق كخبير بعد ذلك، مكّنته إقامته في قرطبة من الطواف في الأندلس واستكشافها.

  • كان الإدريسي مغرماً بعلم الجغرافيا، وقد دفعه شغفه بهذا العلم إلى اتخاذ قرار بالرحيل واستكشاف العالم.
  • قام بهذه الرحلات وهو في سن السادسة عشرة، ثم عاد إلى بلاده حيث استقر فيها لبعض الوقت واشتهر كرحالة وعالم جغرافيا.
  • بدأ الإدريسي رحلاته من الأندلس، حيث قضى فترة في قرطبة، عاصمة الأمويين القديمة التي كانت تحت حكم دولة المرابطين في ذلك الوقت.
  • من هناك، انتقل إلى بجاية وألمرية، ثم توجه غرب الأندلس إلى أشبونة (التي تعرف حالياً بلشبونة عاصمة البرتغال)، وشمالاً إلى جليقية (باسكونيا).
  • عبر جبال البرانس لاستكشاف فرنسا الحالية، ووصل إلى شواطئ إنجلترا الجنوبية.
  • بعد رحلته إلى إنجلترا، عاد إلى المغرب حيث مكث في مراكش وفاس ومكناس، ثم انتقل إلى المغرب الأوسط (الجزائر)، ومر بتلمسان وقسنطينة.
  • توجه بعد ذلك إلى مصر وبلاد الشام والأناضول، وسافر إلى القسطنطينية وسواحل آسيا الصغرى.

انجازات العالم الادريسي

إنجازات العالم الإدريسي كانت واسعة النطاق وأثرت في مختلف أنحاء أوروبا الغربية فقد نُقلت أعماله إلى مناطق عديدة مثل جنوب إنجلترا، وشمال إسبانيا، والبرتغال، وساحل المحيط الأطلسي المطل على فرنسا.

  • كما قام بالإبحار إلى آسيا الوسطى في سن السادسة عشرة، حوالي عام 1145م، انضم الإدريسي إلى خدمة ملك صقلية، روجر الثاني، وهو ما شكل تحولاً كبيراً في مسيرته الشخصية والمهنية.
  • ارتبطت أبحاث الإدريسي وإنجازاته بالمحكمة النورماندية في باليرمو، حيث عاش فيها حتى نهاية حياته.
  • يُعزى قلة المعلومات عن سيرة الإدريسي في المصادر الإسلامية إلى أن العديد من المؤرخين اعتبروه مرتداً بسبب خدمته لحاكم غير مسلم.
  • ومع ذلك، أشاد المؤرخون الأجانب بإنجازاته، خاصةً بفضل رسمه خريطة العالم.

قصة رسم خريطة الإدريسي للأرض

في عام 1145م، عين الإدريسي مستشارًا للملك روجر الثاني ملك صقلية، وكانت مهمته الرئيسية هي إعداد خريطة مُحدثة للعالم المعروف آنذاك.

  • لتحقيق هذا الهدف، أرسل الإدريسي مجموعة من الجغرافيين والرحالة إلى أنحاء مختلفة من العالم لجمع معلومات دقيقة وتفصيلية.
  • وقد بُذلت هذه الجهود قبل وفاة الملك روجر في عام 1154م، وأسفرت عن تأليف الإدريسي لكتابه الشهير “رحلة شخص حريص على اجتياز مناطق العالم”.
  • تضمن الكتاب 70 خريطة توضح مختلف مناطق العالم من شمال خط الاستواء، وقد تُرجِم الكتاب إلى اللاتينية ولغات أخرى، ودرس في العديد من البلدان حول العالم.

استقرار الإدريسي في صقلية

لقب الإدريسي بـ “الصقلي” لأنه استقر في جزيرة صقلية بعد سقوط الدولة الإسلامية هناك، حيث قضى سنوات عديدة من حياته.

  • على الرغم من أن النورمانديين كانوا قد استولوا على صقلية من المسلمين، إلا أن الجزيرة كانت لا تزال مزدهرة بالثقافة الإسلامية في تلك الفترة.
  • أكسبت الرحلات التي قام بها الإدريسي قبله علمًا وشهرة كبيرة، وهو ما جعل ملك صقلية، روجر الثاني النورماندي، يدعوه إلى بلاطه.
  • وجد الملك في الإدريسي فرصة للاستفادة من علمه في الجغرافيا، فدعا الإدريسي للإقامة في صقلية، حيث أبدع هناك في أعماله العلمية التي خلدت اسمه في التاريخ.
  • اختار الإدريسي جزيرة صقلية للعيش فيها، كونها كانت تحت حكم الملك روجر الثاني، المعروف بحبه للعلم والمعرفة.
  • من الطبيعي أن يستقبل الملك الإدريسي بحفاوة ويكرم ضيافته، في عام 1138م (628 هـ)، عبر الإدريسي البحر إلى صقلية، وظل فيها حتى وفاة الملك روجر في عام 1154م (644 هـ)، ثم عاد إلى مسقط رأسه سبتة حيث توفي.
  • قدم الإدريسي لروجر شرحًا لموقع الأرض في الفضاء، مستخدمًا البيضة كتشبيه.
  • فصفار البيضة يمثل كوكب الأرض، بينما يمثل البياض الفضاء الخارجي الذي تسبح فيه الأرض.

تحديد الادريسي مصدر نهر النيل

قام الإدريسي بتحديد مصدر نهر النيل بدقة، حيث وضع نقطة التقاطع الصحيحة لنهر النيل عند خط الاستواء.

  • قبل وصول النهر إلى مصر، تلتقي روافده في الخرطوم، عاصمة السودان الحالية، حيث يتكون نهر النيل من نهرين رئيسيين هما النيل الأبيض والنيل الأزرق.
  • يجري هذان النهران عبر أراضي السودان ويلتقيان في الخرطوم التي تقع تحت خط الاستواء.
  • تحديد الإدريسي لمصدر نهر النيل يناقض نظرية بطليموس التي زعمت أن مصدر النهر هو تلة على سطح القمر.
  • جمع الإدريسي كل المعلومات التي حصل عليها في كتابه “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”، الذي احتوى على معلومات مفصلة عن غرب أوروبا.
  • وقد اشتهر هذا الكتاب بين العلماء في الشرق والغرب على حد سواء، واستغرق تأليفه خمسة عشر عاماً.
  • بعد إكماله، أهدى الإدريسي الكتاب إلى صديقه الملك روجر الثاني، الذي أعجب بالكتاب وكرمه على جهوده.
  • ظل هذا الكتاب مرجعاً أساسياً لعلماء أوروبا والشرق لأكثر من ثلاثة قرون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى