ما هي المدن الواعية؟

المدن الواعية مدن تفكر تتعلم وتتخذ قرارات بنفسها دون تدخل بشري تتعرف على سكانها وتحاكي احتياجاتهم وتتوقع الاعطال قبل حدوثها انها المدن الواعية مستقبل المدن الذكية في كل انحاء العالم والتي قد نراها قريبا في بلداننا العربية
المدن الواعية
في احدى جلسات القمة العالمية للحكومات في دبي عام 2015 وقف البروفيسور كارلو راتي مدير مختبر المدن الذكية بم معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ليشرح ما قد يخبئه المستقبل للمدن التي نعيش فيها وذكر مصطلح المدن الواعية وهو وصف غير تقليدي لشكل الحياة في المدن مع تطور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي فهي مدن توفر لسكانها تجربه تفاعليه ذكيه يمكنها ان تغير اسلوب حياتهم نحو الافضل عبر جمع المعلومات عن احوالهم لتحليلها وتطويع التكنولوجيا لتلبيه احتياجات المجتمع
مفهوم المدن عبر التاريخ
لكن قبل ان نتعمق في مفهوم واشكال المدن الواعية يجب ان نفهم اولا كيف تطور مفهوم المدن عبر التاريخ نشأت المدن حول مصادر المياه للزراعة والتجارة مثل بابل في العراق واثينا في اليونان وطيبه في مصر وكانت تعتمد على شبكات تقليديه وتخطيط بسيط الى ان بدأت الثورة الصناعية فظهرت المدن التي تعتمد على استخراج المواد الخام للصناعة مما ادى الى ضرورة تطوير البنيه التحتية وزياده التلوث والتكدس السكاني وابرز الأمثلة على هذه المدن كانت مدينه مانشستر البريطانية والتي شهدت تطورا صناعيا ضخما في القرن التاسع عشر ومنها الى المدن الرقمية التي ظهرت في اواخر القرن العشرين مع انتشار الانترنت والاتصالات الرقمية ما ادى الى دمج التكنولوجيا في الخدمات الحضرية مثل النقل والبنيه التحتية والاتصالات وكانت البداية من مدينه سان فرانسيسكو الأمريكية والتي اصبحت مركزا للابتكار التكنولوجي بفضل وجود وادي السيليكون
اما المدن الذكية فبدا ظهورها مع انتشار اجهزه الاستشعار والذكاء الاصطناعي في بدأيه القرن الحادي حيث كانت نيويورك الأمريكية من اوائل المدن التي استخدمت التقنيات الذكية لمراقبه المرور واستهلاك المياه وشحن القمامة ونظام النقل المتصل وانتقلت الأنظمة الذكية الى كل مدن العالم ومع التطور التكنولوجي الهائل نصل الان الى المدن الواعية التي تتعلم وتتفاعل مع سكانها بطرق غير مسبوقة
ما الفرق بين المدن الذكية و المدن الواعية؟
وفقا لدراسة نشرتها مجله ام اي تي تكنولوجي ريفيو فان الفرق الاساسي يكمن في قدره المدن الواعية على اتخاذ قرارات استباقيه بناء على تحليل البيانات الضخمة بدلا من مجرد تقديم حلول تقنيه فهذه المدن لن تكون مجرد مدن ذكيه تستخدم التكنولوجيا بل هي بيئات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء والبيانات الضخمة لتتعلم وتتكيف باستمرار مع احتياجات سكانها على عكس المدن الذكية التقليدية التي توفر حلولا رقميه فقط وبحسب الدراسات ففي المدن الواعية اشارات المرور تتغير تلقائيا حسب كثافه السيارات عن طريق اجهزه الاستشعار المتطورة كما ترصد البنيه التحتية المشاكل قبل وقوعها ولذلك فلا يوجد انقطاع للمياه او الكهرباء كما تقوم انظمه الطاقة بتوزيع الموارد بذكاء لتقليل الهدر وفقا لأليات محدده بجانب استخدام التقنيات في الرعاية الصحية الاستباقية لتحسين الصحة العامة للسكان وتعزيز السلامة العامة باستخدام ما يعرف بالشرطة التنبؤيه التي تقلل من عوامل وقوع الجرائم وتضمن مجتمعات اكثر امانا ووفقا للبروفيسور كارلوراتي فسيتمكن الذكاء الاصطناعي من تحسين استهلاك الموارد وتقليل التلوث وتعزيز الراحة اليومية اذا تم استخدام تقنياته بشكل صحي
المدن الذكية التي ستتحول حول الى مدن واعية
وأبرز مثال على المدن الذكية التي ستتحول حول الى مدن واعيه قريبا هي
مدينه سونغ دو في كوريا الجنوبية واحده من ابرز المدن الذكية حول العالم والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لا داره الحياه اليومية بكفاءة عالية تم انشاؤها في عام 2005 وجهزت بأنظمة معلوماتية مترابطة مما دفع بعض النقاد لوصفها بانها مدينه داخل صندوق يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 60,000 نسمه يعيشون في منازل ذكيه تحتوي على نظام الحضور عن بعد والذي يتيح التحكم في انظمه التدفئة والاقفال كما ترصد اجهزه الاستشعار في كل الشوارع تدفق حركه المرور وترسل التنبيهات الى الهواتف لاختار المواطنين بموعد هطول الامطار والثلوج بجانب نظام متقدم للنفايات عبر مزلقات قمامه هوائية تنقل النفايات مباشره من المنازل الى مرافق اعاده التدوير حيث تستخدم لإنتاج الكهرباء مما يلغي الحاجه لوجود شاحنات جمع القمامة التقليدية
المدن الواعية في عالمنا العربي
العالم العربي يشهد ثوره عمرانية ضخمه ويضم العديد من المدن الذكية والمتطورة مثل دبي والرياض والدوحة بجانب امتلاك مشاريع لمدن واعيه مستقبليه مثل مشروع نيوم في السعودية الذي سيعتمد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات في اداره الحياة اليومية ومشروع ذا لاين الذي سيضم مدينه مدينه كامله بدون سيارات تعتمد على الطاقة المتجددة ونظام رقمي متكامل
لكن تظل التحديات كبيره فاعتماد المدن الواعية على بيانات السكان وتحليلها قد يثير بعض الشكوك حول الخصوصية والامان ولذلك يقترح خبراء من مجلس البحوث العالمي تعزيز قوانين حماية البيانات وتطوير انظمه ذكاء اصطناعي ذات شفافية عالية بجانب وضع قوانين صارمه تمنع اساءه استخدام المعلومات الشخصية