في جميع دوريات العالم، نرى دائمًا أن الأندية تمتلك ملاعبًا خاصة بها. على سبيل المثال، في أوروبا، يوجد حوالي 127 ملعبًا، منها 20 ملعبًا تملكها أندية الدوري الإنجليزي. وليس هذا مقتصرًا على الدوري الإنجليزي فقط، بل ينطبق أيضًا على العديد من الدوريات الأخرى مثل الدوري الإسباني والدوري الإيطالي والدوري الفرنسي. ففي هذه الدوريات، تمتلك معظم الفرق ملاعبًا خاصة بها أو على الأقل تكون هناك ملاعب في نفس مدينة الفريق.
ومع ذلك، عندما نتحدث عن الدوري المصري، نجد أن الأندية ليست لديها ملاعب خاصة بها. حتى الأندية الكبيرة التي تتمتع بجماهيرية كبيرة مثل النادي الأهلي والنادي الزمالك، فإنهم ليس لديهم ملاعب خاصة.
فقًا لتقرير صادر عن مؤسسة ديلوت الأمريكية، وصلت أرباح نادي ريال مدريد الإسباني في عام 2023 إلى 770 مليون دولار. ومن هذه الأرباح، تم تحقيق 12% عن طريق استغلال ملعب سانتياغو برنابيو الذي يملكه النادي. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نادي توتنهام هوتسبير أيضًا على ملعبه الخاص، توتنهام هوتسبير، لتحقيق جزء كبير من إيراداته. وبلغت الإيرادات التي حققها توتنهام من ملعبه حوالي 135 مليون دولار من إجمالي الإيرادات البالغة 565 مليون دولار سنويًا. يعتمد كل الأندية على الملاعب الخاصة بها لتحقيق جزء من إيراداتها السنوية.
ومع ذلك، تختلف الأمور تمامًا في الدوري المصري، حيث يعتمد معظم الأندية المصرية على الملاعب التي تملكها الدولة للعب مبارياتها. على سبيل المثال، يدفع فريق الاتحاد السكندري مبلغًا يصل إلى حوالي 600,000 جنيه مصري للعب مباراة واحدة في استاد الإسكندرية، وحوالي 800,000 جنيه مصري للعب مباراة في استاد برج العرب. أما بالنسبة لاستاد القاهرة، فقد تم تسعير تكلفته بمبلغ 150,000 جنيه مصري كأجرة في المباراة الواحدة، سواء كانت هناك جماهير حاضرة أو لا. بالتالي، يدفع نادي الأهلي، على سبيل المثال، حوالي 2.5 مليون جنيه مصري في الموسم لاستاد القاهرة في 17 مباراة، بغض النظر عن مباريات كأس الأمم الأفريقية. وبالتالي، تزيد الملاعب المصرية من نفقات الأندية بدلاً من تحقيق أرباح لها.
وبناءً على ذلك، فقد اعتبر النادي الأهلي إقامة نادي خاص به، ولكن بعد حساب التكلفة، تبين أن بناء النادي سيكلف 5 مليارات جنيه مصري على مدار خمس سنوات، وهذا أمر صعب جدًا على النادي. في عام 2019، قرر النادي الأهلي حل مشكلة نفقات استئجار الملاعب من خلال استئجار ملعب السلام الذي يتبع وزارة الإنتاج الحربي لمدة 25 عامًا.
شاهد ايضا: ملعب مرسيدس بنز تحفة معمارية وجوهرة تكنولوجية
لماذا لا تمتلك الأندية المصرية ملاعبا خاصة بها؟
يوجد عدة أسباب تفسر عدم امتلاك الأندية المصرية ملاعب خاصة بها. إن إقامة ملعب خاص للفريق هو خطوة غير سهلة على الإطلاق، وتتطلب احترام قواعد ومعايير خاصة بالملاعب. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج إلى موارد مالية ضخمة، وهذه هي الشيء الذي ليس متاحًا للأندية المصرية.
في مقابلة مع محمد مصلحي، رئيس نادي الاتحاد السكندري، صرح أنه لم يستفد أحد من عدم وجود ملاعب خاصة في مصر سوى الحكومة. يتحكم في الأرباح المتعلقة بالملاعب، سواء كانت من إيجار الملاعب أو بيع التذاكر أو البث التلفزيوني، وهذا يجلب للحكومة ملايين الدولارات سنويًا.
ومع ذلك، فإن الحكومة لا تمنع الأندية من بناء ملاعب خاصة بها، ولكن الأندية ذاتها غالبًا ما تواجه صعوبة في إقامة الملاعب. وقال علي درويش، مدير استاد القاهرة الدولي السابق، في مقابلة مع أحد المنصات الإخبارية، إن تأسيس ملعب خاص يتضمن صعوبة في شراء قطعة أرض في موقع مناسب وغير خاضعة لملكية الدولة. وعادة ما تكون قطعة الأرض هذه مكلفة للغاية بسبب المساحة الكبيرة. وحتى إذا تمكن النادي من توفير مساحة الأرض، فإنه يحتاج أيضًا إلى التعاقد مع شركة متخصصة لبناء الملعب. وبناء الملعب وحده يكلف النادي مليارات الجنيهات، وبعد الانتهاء من بناء الملعب، سيحتاج لتكاليف إضافية لأعمال التطوير المستمرة. على سبيل المثال، تم صرف 50 مليون جنيه في تطوير استاد القاهرة الدولي قبل استضافة كأس الأمم الأفريقية في عام 2019.
الأندية المصرية التي تملك ملاعبا خاصة
على الرغم من أننا ذكرنا سابقًا أنه لا توجد أندية مصرية تملك ملاعبًا خاصة، إلا أنه في الواقع يوجد بعض الأندية التي تمتلك ملاعبًا خاصة.
ومع ذلك، فإن هذه الملاعب تنتمي إلى مؤسسات ربحية. على سبيل المثال، يمتلك نادي المقاولين العرب ملعبًا خاصًا، وهو يعود ملكيته لشركة المقاولين العرب، وهي واحدة من أكبر شركات البناء والتشييد في مصر. وقد قامت الشركة بتكاليف بناء الملعب للنادي. كما يمتلك نادي إنبي ملعبًا يحمل اسم “بترو سبورت”، تم إنشاؤه في عام 2006 بواسطة الشركة الهندسية للصناعات البترولية والكيماوية. وبالإضافة إلى ذلك، يمتلك نادي غزل المحلة ملعبًا يحمل اسم النادي، تم إنشاؤه بواسطة شركة مصر للغزل والنسيج.
كيف تستفيد الأندية من الملاعب الخاصة؟
تعمل الملاعب الخاصة على توفير العديد من المنافع الاقتصادية، بالإضافة إلى الأرباح التي يتحققها النادي من خلال مبيعات التذاكر. بالإضافة إلى ذلك، يحقق الملعب أرباحًا جيدة من خلال تأجير اسم الملعب لشركات كبيرة مقابل حصوله على مبالغ سنوية ثابتة. على سبيل المثال، قام نادي برشلونة الإسباني بتغيير اسم ملعبه من “كامب نو” إلى “سبوتيفاي كامب نو” مقابل 200 مليون دولار في عام 2000.
بالإضافة إلى ذلك، تحقق الملاعب أرباحًا ضخمة من اللوحات الإعلانية المحيطة بالملعب من جميع الجهات. وبعض الأندية الكبيرة مثل ريال مدريد وبرشلونة يستأجرون ملاعبهم لاستضافة حفلات الزفاف والمهرجانات الغنائية. وهناك أيضًا بعض الفرق مثل ليفربول وميلانو التي تقوم بإنشاء متاحف تحتوي على الكؤوس والألقاب والجوائز التي فاز بها النادي على مر التاريخ، ويتم جمع رسوم من الجمهور الذي يزور هذه المتاحف.
كل هذه الطرق المختلفة تساعد النادي على تحقيق أرباح ضخمة تساهم في تلبية جزء من احتياجات الفريق.
